الخبر في التراث الأدبي

الملخص

أحاول مـن خـلال الوقوف أمام مـادة: خ. ب. ر في المعاجم اللغوية أن أتبين التطور الذي قطعته هذه المادة، والمسار الذي تنقلت فيه دلالاتها المتعددة، لأكشف سماتها المبثوثة في تضاعيف استخدامها؛ وأول ما يطالعني من هذه المادة معنى يتصل بالأرض المنخفضة المنبسطة؛ « فالخبار من الأرض ما لان وهـو ما استرخى من الأرض وتحفر، ... وهو ما تهور وساخت فيه القوائم»، و أيضاً « الخبر منبت السدر في القيعان ... وفيها ينبت الخبر وهو شجر السدر والأراك وحواليها عشب كثير وتبدو العلاقة منطقية بين هذه المعاني؛ فما لان وانخفض كان مستقراً للماء، وما كان مستقراً للماء كثر فيه الشجر والزرع. ومن هذه المعاني ظهر معنى آخر نراه في مثل قول ابن منظور: « والخبر والخبر المزادة العظيمة وهو ما يحمل فيه الماء كالقربة والراوية والخبر والخبر: الناقة الغزيرة اللبن, والخبر والخبرة: اللحم يشتريه الرجل لأهله» ، وفي هذا الاستخدام نلحظ دلالة الاستتار والتخفـي فـي كـل مـن المـاء داخل المزادة واللبن داخل الضرع، واللحم داخل الجلد، وهذا التستر يتشاكل مع التستر في الأرض المنخفضة المزروعة؛ ولما كان المتستر أمراً غير مدرك ولا معلوم احتيج إلى التعرف عليه واستكناهه للإحاطة به، فتضمنت دلالـة العلـم والإدراك، فجـاء « والخبر والخبر والخبرة والخبرة والمخبـرة والمخبرة كله: العلم بالشيء ... وقولهم: لأخبرن خبرك، أي لأعلمن علمك» ، وأيضاً « وأخبره: نبأه، واستخبره سأله عن الخبر وطلب أن يخبره ... والخبير العالم». وما يتصل من هذه المعاني بهذه الدراسة ينحصر في المعنى الأخير وهو المعنى الذي تناول الأدباء والنقاد فيه لفظ الخبر، وما يلاحظ من علاقة بین هذا المعنى وبين ما أن الوقائع والحوادث -وهما أساس الخبر - تلتقي مع ما تقدم في نقطة الاستتار والتخفي، فهي أحداث تقع بمعزل عن الإدراك البصري أو السمعي فتكون من أصناف المجهول وغير المعلوم، فكانت الحاجة ملحة إلى الإبراز ليتم الإدراك والتواصل، فتضمن الخبر دلالة الإعلام والإنباء بأن تخرج الهيئة الأولية من حيز الوقائع والأحداث إلي حيز الخطاب المستعمل لنقل الأحداث إلى السامع أو القارئ على نحو من البراعة في القص .