الحماية الجنائية لبيت الزوجية

جريمة هجر العائلة في القانون الليبي والمقارن

الملخص

اهتمت التشريعات – قديماً وحديثاً – بتوفير الحماية اللازمة للأسرة . وتجسدت هذه الحماية القانونية في شكل من أشكالها في ضمان المكان الذي يأوي الأسرة ويحميها ، فيه تتآلف النفوس ، وتتجانس ، وتتقاسم الأدوار ، لتضمن استمرار الحياة البشرية ، وتضمن تطورها بشكل طبيعي ، هذا المكان هو السقف الذي يأوي أفراد الأسرة مجتمعين ويطلق عليه ( بيت الزوجية ). ومفهوم بيت الزوجية لا ينحصر في المعنى المادي المجرد المتعلق بالسقف الذي يأوي أفراد الأسرة ، وإنما يتعداه إلى مقومات العيش المشترك ، داخل هذا البيت ، إذ لا معني لبيت الزوجية في حالة الاجتماع المادي لأفراد الأسرة فيه ، مع قيام الشقاق والفرقة والتنازع بينهم. وهجرة بيت الزوجية يعني التنصل من الواجبات الملقاة على عاتق أحد أفراده. وقد عملت القوانين منذ القدم على التصدي لمثل هذه الأفعال ، وكانت الآثار المترتبة على فعل الهجر تقتصر على القانون المدني , غير أن المشرع الجنائي تدخل منذ بدايات القرن الماضي بتجريم أفعال الهجر المعنوي المتمثلة في ترك بيت الزوجية أو الإخلال بواجب الرعاية للأسرة ، وتجريم الامتناع عن أداء النفقة الواجبة . والملاحظ أن الواقع العملي ، وما تشير له الاحصائيات والأرقام ، تؤكد أن فرض العقوبة الجنائية على هذه الأفعال لا يصب في مصلحة استقرار الأسرة ، مما يعني وجوب إعادة النظر في هذه النصوص التجريمية ، وتوجيهها نحو حماية مصلحة الأطفال فقط ، دون اعتبار لحماية الروابط الأسرية التي في الغالب تكون قد تمزقت بشكل لم يبق معه أمل في إصلاحها .