دور المرأة بين المطالبة بالحقوق والتطلع إلى التحرر

الملخص

|إن قضية المرأة من القضايا التي كثر حولها النقاش، وامتدت إليها يد كل من تعلم الأبجدية ليدلي برأيه فيها متطفلا في الغالب على مائدة الفقهاء الذين أصبح الحديث عنهم كأنه حديث عن الماضي الذي يجب نسيانه. على الرغم من أن هذه القضية فقهية، وأن الأمر فيها بعيد كل البعد عن الفلسفة إذ لم يعد ذلك مقبولا فالعقل خلف النقل يسير في نطاقه ولا يتجاوز حدوده وضوابطه، كما أن الانصياع وراء الهوى أمر جاءت الشريعة الإسلامية التخليص المكلفين منه، وإنقاذهم من براثنه. ومن الحقائق التي يجب التسليم بها أن الإسلام شكل الأمة التي اعتنقته على مجموعة من المفاهيم الأساسية تجعلها في حصانة كاملة من موجات التغريب والشعوبية والغزو الثقافي، وقد كانت هذه القيم قادرة على حماية المسلمين ماداموا متمسكين بها، فلما وهنت قواهم وابتغوا العزة في غير مبادئ الإسلام أو كلوا إلى أنفسهم فهزموا وتخلفوا عن ركب الأمم، وتحولوا عن الصدارة التي كانت تتويجا لمنهج الإسلام ذلك المنهج الرباني الأصيل القادر على العطاء في كل زمان ومكان القائم على الفطرة والعلم، ويقدم تصورا كاملا للإنسان وحركته في الحياة بوصفه نظام المجتمع، وقانون الإنسانية الذي أحاط بها فلم يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا كان لها منه تنظيم إجمالا أو تفصيلا وفق ما تقتضيه الضرورة، وحقوق المرأة داخلة في هذا التنظيم فلم يهمل الإسلام شأن المرأة حيث أولاها من العناية ما فرض لها حقوقها التي تلائم طبيعتها وجعلها تتبوأ المكانة اللائقة بها، وبوظيفتها في هذا الكون والتي حرمت منها في الجاهلية. ولكن إخلاد البشر إلى أفكار العقل الصرف، والانصياع إلى الهوى أوقع المرأة في وهاد التشرد والتطرف حينا من الدهر ثم حمل إليها بعد ذلك رياح عاتية من التفريط والإباحية، وبين هذا وذاك يقف العاجزون في حيرة من أمرهم والعاقل من تحصن وراء قيم الإسلام ضد الاختراق الأجنبي و فساد نظریات الحداثة، وفي هذه الورقة نحاول استظهار دور المرأة بين المطالبة بحقوقها والتطلع إلى التحرر وفق الخطة التالية: