العودة إلى الجذور بين الواجب و المحظور

الملخص

تعد قضية التراث من القضايا المهمة التي شغلت ، وما تزال، حيزا واسعا من الجدل الفكري على امتداد الساحة الأدبية والفكرية العربية، وهي قضية تمتد عميقا في مكونات الفكر العربي، فقضية القديم والجديد، وما دار بخصوصها من جدل و حوارات وما صيغ في متابعتها من مواقف ومناظرات، لا يخلو بعضها من الطرافة، وربما الفبركة، مبثوثة معروفة في أمهات مصادر الثقافة العربية الإسلامية ، غير أن الجديد في الموضوع، والخطير في الوقت نفسه، هو تطور هذا الجدل من المفاضلة بين القديم والجديد، إلى ما هو أبعد أعمق، حين ظهرت آراء وأفكار تجادل في جدوى استمر ار القديم، وأهمية التواصل معه؛ بل تذهب إلى أبعد من ذلك حين تطالب بالتخلص منه، والانفصال عنه؛ سعياً للتقدم ومواكبةً للحداثة والمعاصرة، وفي مقابلها تصلبت مواقف ورفعت شعارات؛ بل أصدرت فتاوى وأحكام تقدس القديم، وتعلي من شأنه، وتصم بالمروق والعمالة وأحيانا بالكفر والإلحاد كل خارج من ربقته متمرد على أطره ومحدداته ، وتبدى ذلك طاغيا في العصر الحديث أكثر من أي عهد مضى منذ ظهور الإسلام  وبين هذا وذاك أخذ يسري تيار ثالث، لا يقاطع التراث ولا يتشرنق فيه ؛ بل يقبل منه ما يراه مناسبا لظروفه، متماشيا معطيات عصره، ويعرض عما يظن أنه بخلاف ذلك، مع محافظته على ما لا يمكن الاستغناء عنه منه. في هذه الورقة محاولة لتركيز النظر على هذه القضية، بمتابعة وجهات العائدين إلى التراث، وكيفية عودتهم إليه، وماهي أنجع السبل لتحقيق المبتغى من العودة إلى المكونات التراثية؟ و بشكل يؤمن الاستفادة والاستزادة، ويقدم إسنادا حقيقيا لأصحاب التجارب المعاصرة ، وهم يواجهون سيلا عارما من الضخ المعلوماتي، عبر الوسائط الإعلامية المعاصرة التي تعمل بقصد على تذويب الخصوم أو تطويعهم.