اختلاف المعايير لدى المحكمة الجنائية الدولية في ملاحقة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة في حق الإنسانية

الملخص

نهدف من خلال هذه الدراسة تسليط الضوء على بعض الجوانب التي تحيط بعمل المحكمة الجنائية الدولية بوصفها هيئة قضائية عالمية، هدفها تحقيق العدالة الجنائية الدولية، وملاحقة مرتكبي الجرائم الدولية، ومنع الإفلات من العقاب خصوصاً، أنها تعتبر نقطة تحول هامة نحو إرساء قواعد القانون الدولي الإنساني، وحقوق الإنسان وترسيخها. ومن خلال هذا الموضوع - وهو اختلاف المعايير لدى المحكمة الجنائية الدولية في ملاحقة مرتكبي الانتهاكات الجسمية بحق الإنسانية - سنقوم بتوضيح سرعة استجابة المحكمة الجنائية بشكل عجيب في استصدار مذكرة اعتقال الرئيس السوداني عمر البشير ( سابقاً )، وكذلك مذكرة اعتقال بحق الرئيس الليبي السابق " معمر القذافي " في مدة لم تتجاوز ثلاثة أشهر، في حين أنها لم  تحرك ساكناً تجاه ما فعلته إسرائيل من مجازر في حق الفلسطينيين  في غزة، وكذلك جرائم الإبادة التي ارتكب ضد مسلمي الروهينقا في ماينمار، ولا يمكن للعالم أن ينسى الانتهاكات والجرائم الجسيمة التي ارتكب ضد العراق عام 2003 ، وأيضاً الكثير من الانتهاكات التي ارتكبت مؤخراً ضد الشعب السوري من أغلب الأطراف الداخلة في الصراع هناك. وجدير بالذكر أن هذه الدول ليست أطرافًا في المحكمة الجنائية الدولية؛ أي أنها خارج الاختصاص المكاني للمحكمة، ومع ذلك فقد تم استصدار مذكرات توقيف بحق المتهمين، كما هو في الحالة السودانية والليبية، في حين أنه لم يتم ذلك في الحالة الفلسطينية والعراقية؛ نظراً لأن المتهم بارتكاب الانتهاكات من الدول العظمى أو أحد حلفائها، وهذا إخلال وتحيز من طرف مجلس الأمن، أو من المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، وهما الجهتان اللتان تمثلان حماية الأمن والسلم الدوليين، وتحقيق العدالة الجنائية الدولية. ونسعى من خلال هذه الدراسة إلى التطرق للمعايير المختلفة التي تتعامل بها المحكمة الجنائية بين الدول، وأسس هذه المعايير، ومدى ملائمتها لأهداف تحقيق العدالة الجنائية الدولية.