أثر السنة في معاملة غير المسلمين في الدول غير العربية

المملكة الماليزية أنموذجا

الملخص

فإن هذا البحث الموسوم: أثر السنة في معاملة غير المسلمين في الدول غير العربية (المملكة الماليزية نموذجا يندرج ضمن تجديد الفكر الإسلامي بما يتماشى مع مقولة الإسلام صالح لكل زمان ومكان؛ فالدين الإسلامي دين عالمي يخاطب الناس كافة بجميع أعراقهم وأطيافهم، في كل أرجاء الأرض وقد عالج جميع أمورنا الدينية والدنيوية الروحية والمادية، دقيقها وجلها، خاصها وعامها ، سرها وعلنها تميز بخصائص منها: السماحة واليسر، ونبذه للعنف، سماحة القوي، ويسر المعتدل، لا سماحة الخانع الذليل، ولا يسر المضيع للدين، واقتضى ذلك أن يكون في هذه الرسالة من الخصائص والسمات ما يجعلها صالحة لكل زمان ومكان إلى جميع أمم الأرض، وأعظم هذه الخصائص وأجلها السماحة واليسر في كل شأن من شؤون الحياة في العبادات والمعاملات ،والأخلاق والآداب، مع المسلمين وغير المسلمين وسماحة الإسلام في معاملة غير المسلمين أحد الموضوعات الثرية بالمادة العلمية، وقد حظيت باهتمام العلماء قديما وحديثا، ومن ينظر في في كتاب أحكام أهل الملل للخلال وأحكام أهل الذمة لابن القيم مثلا يجد ذلك جليا ظاهرا، ويجد رصيدا حضاريا هائلا تزخر به کتب الفقه والسنة في أحكام غير المسلمين، كما أن هناك العديد من البحوث والدراسات الحديثة في هذا الشأن؛ فقد قضى الله -سبحانه- وقدَّر أن لا يؤمن أهل الأرض كلهم ؛ لحكمة يعلمها هو ، قال تعالى: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾ [يونس: 99]. وقال تعالى: ﴿وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ﴾ [الكهف: 29]. ولا يتصور مع بقاء الكفر على الأرض، ومع وجوب تبليغ الدعوة إلى الناس أن ينعزل المجتمع المسلم عن غيره من المجتمعات. ولذلك فإن التشريع الإسلامي نظّم علاقة المسلم مع غيره من بني جنسه أفرادا ومجتمعات، ووضع الضوابط الكاملة في ذلك داخل المجتمع الإسلامي وخارجه.