الدين وحرية الرأي - دراسة قانونية في قضية الرسوم الساخرة التي نشرتها الصحيفة الدنمركية

الملخص

لا شك أن الإسلام قد واجـه مـنذ ظهوره تحديات مختلفة، وتعرضت الأمة الإسلامية لكثير من المؤامرات قديماً وحديثاً، ولقد جاهد المسلمون حق الجهاد، ولازال يجاهد فالمؤامرات مستمرة ومتجددة. إن هذه التحديات سلكت طرقاً متعددة بتعدد المقاصد والأهداف التي تحيا في عقول أصحابها، والداعين إليها سواء أكانوا علماء وجهوا هممهم إليه، أم ساسة كانوا حريصين على أن يتخذوا من هذه التحديات ركائز أو قواعد، يقيمون عليها سياستهم التسلط على أرض الإسلام، ابتغاء استغلالها لخير ،شعوبهم، ومصالح بلدانهم، وقد ساعدهم على ذلك ما تشهده الأمة الإسلامية من تفكك وتباين واختلاف، ولابد لمواجهة هذه التحديات من اتخاذ خطوات أساسية، ووضع المنهج السليم لكشفها ومقاومتها والرد عليها، وأول الخطوات معرفة خصائص خصومنا في مؤامراتهم، وأولها أنهم يعتمدون على العلم في محاربتنا، والتفكير الهادئ المتأني، والتخطيط بعيد المدى القائم على الصبر الطويل والمعرفة الواسعة. ومن هنا يجب على المسلمين أن يعتمدوا هذا الأسلوب، ويتبعوا هذا الطريق، فهو الذي أمرهم به الله تعالى حيث يقول: ﴿ وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَاب إلا بالتى أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) [العنكبوت: 46]، ويقول الله تعالى: ادع إلى سبيل ربك بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ اعلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ اعلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ [النحل: 125]. ولقد كان منهج القرآن الكريم في الجدل هو عماد الأسلوب الذي اتبعه الرسول صلى الله عليه وسلم في مجادلة المشركين واليهود والنصارى وغيرهم، وقد سلك صحابته رضوان الله عليهم، طريقه وساروا على هديه عليه الصلاة والسلام، ثم تطور أمر الجدل واعتنى به علماء الإسلام، ووضعوا لـه القواعد والقوانين المنطقية والفكرية، حتى يستقيم أمره، ويحقق غرضه في الدفاع عن الإسلام ويرد كيد الخصوم، فضلا عما نشب من خلاف بين أصحاب الاتجاهات الفقهية وغيرهم.