التزام المحكمة بتسبيب الأحكام في المواد المدنية والتجارية

الملخص

يباشر القضاة في المحاكم مهمة الفصل في المنازعات التي تحدث بين الأفراد والجماعات داخل المجتمع؛ ولأن القضاة بشر معرضون للخطأ والصواب؛ فإن العدالة التي تصدر عنهم عدالة نسبية يقيمها كل منهم بحسب قدرته المحدودة التي تقوم على الظاهر وتعجز عن الوصول إلى الباطن الذي يترك علمه الله وحده لا شريك له.

أما العدالة الإلهية فهي عدالة مطلقة؛ لأنها تتطابق مع الحقيقة الواقعية المطلقة وتنفذ إلى الباطن، فهي من صنع الله الحكم العدل العليم ببواطن الأمور والأقرب للإنسان من حبل الوريد مصداقا لقوله تعالى: ﴿ ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ماتوسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد * [ق: 16].

وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم مدى قصور الإنسان عن الوصول إلى العدالة المطلقة فقال في الحديث الشريف الذي روته أم سلمة رضي الله عنها: « إنكم تختصمون إلى ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع فمن قطعت له من حق أخيه شيئاً فلا يأخذه، فإنما أقطع له به قطعة النار ».

وروى عـن ابـن عـباس * قوله: « اختصم إلى النبي صلى الله عليه وسلم رجلان فوقعت اليمين على أحدهما فحلف بالله الذي لا إله إلا هو ما له عنده شيء، قال فنزل جبريل ال على النبي صلى الله عليه وسلم فقال إنه كاذب، وإن له عنده حقاً فأمره صلى الله عليه وسلم أن يعطيه حقه وكفارة يمينه». فالقاضي وإن حاول أن يكـون عـادلاً إلا أنه لا يستطيع الوصول إلى العدل المثالي المطلق بمعنى الإنصاف، وإنما يكون قضاؤه معر ضاً للخطأ سواء أكان هو مصـدر هـذا الخطأ أم كان الخطأ يكمن في الأدلة التي استمد منها اقتناءه، ولكن يجب على القاضي أن يقترب في عدله -قدر الإمكان- من الإنصاف حتى يكون من السابقين إلى ظل الله يوم القيامة، فقد روت السيدة عائشة رضي الله عنها أن رسول اللہ صلى الله عليه وسلم قال: « السابقون إلى ظل الله يوم القيامة هم الذين إذا أعطوا الحق قبلوه، وإذا سئلوا بذلوه وإذا