الفتــاوى المالكيــــة في ليبيا من خلال كتـــب الرحــــلات الرحلة الناصرية الكبرى أُنموذجاً

الملخص

إن للرحلات تنوّعاً من حيث الغرض والمضمون والمقصد؛ فمنها الرحلة في طلب العلم, والرحلة في طلب الحديث, والرحلة لأداء فريضة الحج أو سنة العمرة, والرحلة للتجارة وغير ذلك.

وللرحلات أهمية عظيمة, وقيمة علمية وأدبية, وتاريخية, تنتج عنها فوائد مهمة, وتحقّق مطالب ومصالح جمّة.

وفي الرحلات تنقّل من مكان إلى آخر, ومن مرحلة إلى أخرى, تتيح للرحّالة الجمع بين المشاهدات ومخالطة الناس, ورصد جوانب من حياتهم اليومية, وتسجيل مظاهرها في مختلف الأمصار والأقطار, والوقوف على العادات والطبائع والتقاليد والثقافات والخبرات التي يستفيد منها الرحّالة, كما يستفيد منها القارئ لكتب الرحلات.

وهذا بحث صغير ومتواضع, يُعنى بنوعٍ من هذه الرحلات, وهي رحلة لأداء فريضة الحج, أُقدّم فيه عرضاً لنموذج منها, وهي: الرحلة الناصرية الكبرى التي تمثّل أنموذجاً دينياً وعلمياً قيّماً, عبر مسيرة طيبة كانت تلبية لنداء ديني, وهي من تأليف الشيخ أبي عبدالله محمد بن عبدالسلام الناصري (1239هـ- 1823م).

حيث يكون محور الحديث عنها في الفتاوى التي أصدرها الشيخ الناصري في سفره عند دخوله ليبيا مروراً بها, ثم دخوله إليها أثناء عودته, وذلك على حسب الوقائع والأسئلة التي تعرض عليه, ويتم الجواب عنها.

ويبرز عملي في هذا البحث في تتبع هذه الفتاوى وإخراجها من الكتاب, وتصنيفها وتقسيمها على أبواب الفقه المالكي, ووضعت عنواناً لكل مسألة, ونسبتها إلى مصادرها التي اعتمد عليها الشيخ الناصري, وذكرها في رحلته أو غيرها مما لم يذكرها واكتفى بذكر الجواب فقط.

واقتضت طبيعة هذا البحث أن يُقسّم على ثلاثة مباحث ومعها مطالب, يتلو ذلك تمهيد أذكر فيه مختصراً عن حياة الشيخ الناصري, ومختصراً عن كتابه (الرحلة الناصرية الكبرى).